
كتبت- غادة عبد الله موسي
مشروع بنبان للطاقة الشمسية في أسوان: رحلة إنجاز من الصفر إلى الاكتمال
في قلب صحراء أسوان، وتحديدًا بمنطقة “بنبان”، تنبثق واحدة من أعظم مشروعات الطاقة الشمسية عالميًا، لتكون نقطة تحول كبرى في مسار الطاقة المتجددة في مصر. المشروع لا يعكس فقط تطور البنية التحتية، بل يمثل قفزة اقتصادية واستراتيجية نحو مستقبل أكثر استدامة.
محور الطاقة المتجددة في قلب الصعيد
تُعد الطاقة الشمسية من أهم مصادر الطاقة النظيفة على كوكب الأرض، وتتمتع مصر بموقع جغرافي مميز بين خطي عرض 22 و31.5 شمالًا، مما يضعها في قلب الحزام الشمسي العالمي. ومن هنا، جاء اختيار محافظة أسوان لإنشاء محطة “بنبان”، والتي تُعد واحدة من أكبر محطات توليد الطاقة الشمسية في العالم.
أكبر مجمع شمسي في العالم
أُختير موقع المشروع بعناية شديدة، استنادًا إلى دراسات وتقارير من وكالة ناسا، وعدة مؤسسات علمية عالمية، أكدت أن “بنبان” من أكثر المناطق سطوعًا للشمس عالميًا، ويصل إجمالي الطاقة المنتجة إلى ما يعادل 90% من إنتاج السد العالي.
وتعد أبرز أهداف المشروع، الرهان على المستقبل الأخضر، ودعم الشبكة القومية للكهرباء من مصدر طاقة نظيف، وتشجيع الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة، وإنشاء محطات معزولة بالكامل بنظام GIS لأول مرة في مصر، وتقليل الانبعاثات وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وقد أُقيم المشروع، على مساحة 37 كيلومتر مربع، ويعتمد على أكثر من 200 ألف لوح شمسي، وشراكات دولية وعالمية، قد صرّح أليساندرو فرا كاسيتي، الممثل المقيم للبرنامج الأممي، في تصريح صحفي، مؤخرا، قائلا: “سيساعد هذا المشروع على تسريع تحول مصر نحو سوق الطاقة الخضراء، وإطلاق إمكانيات الابتكار في الطاقة الشمسية.”
الجمل يروي تفاصيل مهمة عن المشروع
فيما قال المهندس هشام الجمل، رئيس مستثمري محطة بنبان للطاقة الشمسية والمدير العام لشركة إنفنتي: في تصريح خاص لـ” Data insight 360″:”يعد مجمع بنبان للطاقة الشمسية في أسوان، بمثابة سد عالي جديد، يقام على أرض مصر و كذلك هرم رابع، ويوفر قدرة من (الطاقة الخضراء)، متمثلة في الطاقة الشمسية لإنتاج طاقة كهروضوئية بمثابة زراعة ٧٠٠ ألف شجرة، ويساعد على تقليل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، كما أنه يوفر استخدامات الغاز والمازوت التي تستخدم في محطات الكهرباء”.

تقليل تعريفة الكهرباء
ويضيف: أن المشروع مزيج من استثمارات مصرية و دولية، وقد ساعد على تقليل تعريفة الكهرباء فأصبحت سعر التعريفة الجديدة، جاذبة للمستثمرين، وأيضًا المشروع شجع المستثمرين في التوسع للدخول في مشروعات أخرى منها، الطاقة شمسية، وطاقة الرياح، لافتا إلى أنه توجد شركات دولية لديها خبرة كبيرة في مشروعات الطاقة المتجددة، وتساهم في الاستثمار بهذا المجال التي تساهم بنسبة تمويل ذاتي، والنسبة الكبيرة من جهات التمويل الدولية التي تشجع الاستثمار في مصر، مما جعل التصنيف الائتماني في مصر يتحسن بشكل كبير.
ويؤكد، أن هذا شجع الشركات للاستثمار في مشروعات الطاقة النظيفة والمتجددة مثل الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والهيدروجين الأخضر، وأن الدولة المصرية، وقعت اتفاقيات كبيرة مع شركات عالمية لتنفيذ هذه المشروعات، فيما وفر المشروع، على المستوى المحلي، فرص عمل للمهندسين، والفنيين، العمال، وبلغ عدد العمال أثناء الإنشاء أكثر من ١٥٠٠٠ عامل، وأثناء التشغيل والصيانة، نحو ٢٠٠٠ عمالة مباشرة، و٢٠٠٠ غير مباشرة.
جوائز عديدة
وقد نال مشروع “بنبان” عدة جوائز هامة، منها الجائزة السنوية للبنك الدولي كأفضل مشروعات البنك عالميًا عام 2019 م، وجائزة التميز الحكومي العربي كأفضل مشروع تطوير بنية تحتية.
بوابة الجنوب نحو الاستثمار
وتمثل أسوان ليس فقط أرضًا للمشروعات القومية، بل جوهرة الجنوب التي تحتضن الإمكانات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، التي تجعل منها بوابة حقيقية للاستثمار في صعيد مصر
ويوضح الرسم البياني المرفق، معدل الإنجاز في المشروع بين عامي ٢٠١٤ و٢٠١٩، ويبرز التطور السريع في تنفيذ المشروع الذي انتقل من مرحلة التخطيط إلى التشغيل الكامل في غضون خمس سنوات فقط.

معدل الإنجاز الزمني (٢٠١٤–٢٠١٩)
السنة | معدل الإنجاز | التحليل |
2014 | 0% | بداية من نقطة الصفر، بدأت أعمال التخطيط والتنفيذ الأولي (الدراسات الفنية والبيئية والتصاريح) |
2017 | 35% | انطلاقة فعلية، دخول شركات استثمارية، بدء تركيب الوحدات الكهروضوئية |
2019 | 100% | اكتمال المشروع، ربطه بالشبكة القومية للكهرباء وبدء تغذية الملايين من الوحدات السكنية |
المصدر: الهيئة العامة للاستعلامات
المشروع في سطور
دور الحكومة في المشروع
تولت الحكومة المصرية، ممثلة في هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة (NREA)، ، توفير الأراضي والبنية التحتية الأساسية للمشروع، والتي شملت: إنشاء 4 محطات محولات لربط المشروع بالشبكة القومية. وبلغت تكلفة توفير البنية التحتية نحو 1.65 مليار جنيها مصريا-بما في ذلك إنشاء مركز تحكم في نجع حمادي بتكلفة 100 مليون جنيها.
دور القطاع الخاص
بينما شارك القطاع الخاص بقوة من خلال، مشاركة 40 شركة، بينها 10 شركات عالمية وعربية، وتمويل وتنفيذ 41 محطة طاقة شمسية بقدرة إجمالية تبلغ 1465 ميجاوات، وضخ استثمارات إجمالية قاربت 2 مليار دولار أمريكي، تعادل نحو 40 مليار جنيها مصريا، وفق أسعار الصرف وقت التنفيذ.
التكلفة الإجمالية للمشروع
وتقدَّر التكلفة الإجمالية للمشروع بنحو 40 مليار جنيها مصريا، بما يعادل 3.4 مليار يورو تقريبًا حسب بعض التقارير.
فيما تتوزع المساهمة المالية، الحكومية من بنية تحتية ومركز تحكم، بنحو 1.75 مليار جنيها مصريا، والقطاع الخاص بإنشاء وتشغيل المحطات، بتكلفة تبلغ نحو 38.25 مليار جنيها مصريا.
وتكشف هذه الخريطة مدى استخدام هذه المحافظات للطاقة الشمسية:

ويشير التوزيع الجغرافي لمشروعات الطاقة الشمسية، ففي أسوان، أقيم مجمع بنبان ليقود التحول للطاقة النظيفة، بطاقة 180 ميجاوات لشركة إنفنيتي، و250 ميجاوات لمجموعة سي تي جي الصينية، و120 ميجاوات لشركة أكواباور، بإجمالي طاقة 550 ميجاوات، وفي كوم أمبو بأسوان أيضا، أقيم مركز ناشئ للطاقة، بطاقة إجمالية 220 ميجاوات، منها 200 ميجاوات لشركة أكواباور، و20 ميجا لمشاريع أخرى، وفي الغردقة بمحافظة البحر الأحمر، شهدت انطلاقة محدودة بقدرة 20 ميجاوات.
بينما تحظى محافظة الوادي الجديد، بمشاريع صغيرة تضيء الصحراء، دون تحديد لقدراتها، وفي قنا، كانت بداية خجولة نحو الطاقة الشمسية، بتنفيذ أنظمة صغيرة دون توفر تفاصيل دقيقة عن القدرة المنتجة.
المصادر
– الهيئة العامة للاستعلامات، صفحة “الطاقة الجديدة والمتجددة في مصر”، تاريخ النشر: 26 ديسمبر 2024.
– الموقع الرسمي للهيئة: www.sis.gov.eg
-موقع رئاسة الجمهورية – www.presidency.eg